أتيحت ليَ الفرصة لحضور مؤتمر “محامو الغد” في لبنان لتمثيل مكتب الصفر ومشاركوه للمحاماة، الذي انعقد يوم الجمعة في الأول من سبتمبر 2023 تحت رعاية شركة “حق”، بحضور وزراء ونواب وأكثر من 401 محامي و بمشاركة 11 نقابة للمحامين بالشرق الاوسط حيث ناقش المؤتمر تأثير الذكاء الاصطناعي على مهنة المحاماة والتي دارت حول التعامل مع الوقائع القانونية المطروحة وكيفية تشريع الذكاء الاصطناعي فيما يتعلق بالحوكمة، الملكية الفكرية والمسؤولية الطبية.
المتحدثون والمواضيع:
• المحامي عباس قبلان (شريك مؤسس لشركة حق لبنان): التعامل مع الوقائع القانونية المطروحة.
• المحامي خليفة الياقوت (شريك ومدير مجموعة الياقوت والفوزان – الكويت): الذكاء الاصطناعي والملكية الفكرية.
• الدكتور حبيب المُلا (الرئيس التنفيذي لمكتب حبيب الملا وشركاءه – دبي) : كيفية تشريع الذكاء الاصطناعي والحوكمة.
• المحامي أحمد نجار (شريك ومدير لشركة النجار وشركاءه للاستشارات القانونية – ابو ظبي) : الذكاء الاصطناعي والمسؤولية الطبية.
تحليل الذكاء الاصطناعي:
في البداية تحدث المختصون في المؤتمر عن ميزة الحوار مع الذكاء الاصطناعي بحيث أنه وسيلة ثنائية الاتجاه، اذ يتم الحوار والتفاعل والاجابة بناءً على فهم الذكاء الاصطناعي للمفهوم والقضية المطروحة ذات الصلة، وهنا السؤال الذي طرح نفسه في المؤتمر هل الذكاء الاصطناعي هو شخصية معنوية ام ماذا؟
التحديات الأخلاقية والقانونية:
من المهم أن نعي أن المحاماة مهنة انسانية، وأن العنصر الإنساني هو أساس وجودها بالإضافة إلى الأخلاقيات المهنية والسرية والحيادية وغيرها من الأخلاقيات التي لا يستشعرها الذكاء الاصطناعي ولا تتواجد بنفس التوصيف به حتى. لا بل على العكس يقوم الذكاء الاصطناعي بالتعدي على الملكية الفكرية للأشخاص من خلال تقليد أصوات الأفراد وإصدار الأغاني بأصوات أشخاص مغايرة للشخصيات الأصلية، لا بل لا يتوقف الذكاء الاصطناعي بالتعدي على الأصوات وحسب بل يقوم بالتعدي على براءات الاختراع ايضاً مما يجعل العديد من الخبراء يتساءل حول كيفية تطبيق قوانين الملكية الفكرية في هذا السياق.
مع العلم أن الولايات المتحدة الأمريكية قامت بإصدار قرار من المحكمة العليا سنة 2020 يشير إلى أن الذكاء الاصطناعي لم يبرهن على قدرة كافية بالابتكار ولم يبين الألية البشرية و التسلسل الفكري لتطوير الابتكار و بالتالي لا يستحق براءة اختراع.
وكما أكدت الهند أيضا عبر اصدارها قرار من المحكمة العليا سنة 2021 يفيد بأن الذكاء الاصطناعي ليس بشري ولا يمكن أن يمتلك براءة اختراع حيث أن براءات الاختراع في الهند لا يتم حيازتها إلا من الشخص الطبيعي
إلا أنه لا تزال المنظمات العالمية تواجه في مجال الملكية الفكرية تحديات في كيفية التعامل مع مسألة ابتكار الذكاء الاصطناعي وحقوق الملكية الفكرية.
ويظل هذا الموضوع يشكل تحديًا كبيرًا للمحامين والقانونيين الذين يسعون لحماية حقوق الملكية الفكرية في سياق التطور السريع للتكنولوجيا.
تحديات المسؤولية القانونية:
قبل التطرق للحديث عن المسؤولية القانونية للذكاء الاصطناعي أشار المختصون الى أنه يجب أن يتم وضع مفهوم واضح وصريح للذكاء الاصطناعي، كونه ليس شخصا معنويا أو طبيعيًّا وحتى يتمتع بأي نوع من أنواع الارادة الانسانية،
حتى أن الاتحاد الأوروبي تخلف عن إعطاء توصيف الشخصية القانونية للذكاء الإصطناعي وبالتالي إلى اليوم توصيف الذكاء الاصطناعي محصور على أنه شيء مادي أو معنوي لا يتمتع بالإرادة بالرغم من انه نوعا ما يقوم باتخاذ القرارات من تلقاء من نفسه.
لكن بمجرد تمتع الذكاء الاصطناعي باستقلالية الارادة يتوجب على المشرّع تغيير الكثير من المفاهيم القانونية كون بعض أنواع الذكاء الاصطناعي الأكثر تقدما تملك كيان واعي تماما لما يدور حولها وهذا ما يشير إلى أهمية وضع إرشادات وأخلاقيات على الصعيد المحلي توجه استخدام الذكاء الاصطناعي لمعالجة التحيز والمساءلة من ناحية، و وضع أطر وضوابط للرقابة على التمييز الخوارزمي والحد منه من ناحية اخرى، بحيث تشمل هذه الضوابط جوانب الحوكمة والشفافية والمساءلة وحقوق الملكية الفكرية.
اما على الصعيد الدولي، لفت المؤتمر الى أنه يتوجب تشكيل هيئات تنظيمية قادرة على مراقبة تطور الذكاء الاصطناعي واستخدامه. كما يتوجب تعزيز التعاون الدولي لوضع معايير دولية لتنظيم الذكاء الاصطناعي وضمان التوافق العالمي،
ويليها بعد ذلك واجب المشرع في تحديد المسؤولية الجزائية للذكاء الاصطناعي بشكل واضح وصريح يلائم التطورات السريعة للتكنولوجيا.
تحديات المسؤولية الطبية:
تطرح تقنيات الذكاء الاصطناعي تحديات في المسؤولية الطبية. خاصة بأن الذكاء الاصطناعي يفوق الشخص الطبيعي مهما كانت خبرته العلمية والمهنية في سرعة اعطاء البيانات ودقة تشخيص الحالات وتحليلها.
بحيث يقوم الذكاء الاصطناعي بإعطاء تشخيص لمئات الحالات بدقائق معدودة بخلاف الشخص الطبيعي وذلك تبعا لكمية المعلومات والحالات المحتملة التي تم إدخالها في الذكاء الاصطناعي من كافة دول العالم اجمع، الا انه ومع ذلك لا يمكن الاعتماد عليه ١٠٠% كونه لا يملك القدرة على ابتكار معلومات جديدة أو تشخيص حالات فريدة غير محفوظة في نظامه الخوارزمي،
مما يعرضه للافادة بتشخيص غير دقيق وخاطئ في بعض الأحيان، فضلا عن الخطأ التقني المحتمل بطبيعة الحال كونه وسيلة اصطناعية بحتة وعليه يستدعي هذا لوضع إطار قانوني يحدد المسؤوليات في حالات التشخيص الخاطئ والإجراءات الطبية غير الصحيحة الناتجة عن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.
الختام:
في النهاية سعدت بحضور هذا المؤتمر القيّم الذي جمع نخبة من المحامين والمهنيين القانونيين في الشرق الأوسط، وأرى أنه يتحتم علينا مواكبة التقدم التكنولوجي وبنفس الوقت ضمان تطبيق القوانين والأخلاقيات بشكل فعال.
لذا يجب على المشرّع على وجه السرعة البدء في وضع إطار قانوني يحدد المسؤوليات المدنية والجزائية بشكل يواكب سرعة نمو وتطور الذكاء الاصطناعي، بالإضافة الى تحديث القوانين الحالية بما يضمن حماية حقوق الملكية الفكرية والمحافظة على الأخلاقيات المهنية، والا سوف ندخل في فوضى لن نكون قادرين على التحكم بها بعد ذلك.
لمزيد من المعلومات والاستشارات القانونية يرجى التواصل بمكتب الصَفَر ومُشارِكوه على الأرقام التالية:
97144221944ext720 or +971 55 757 0842 – reception@alsafarpartners.com – https://dubailawyers.ae/
Written By:
Ms. Rana Al Shoufi
Legal Consultant & Head of legal Coordination Department